- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سورة القصص مكيّة
وعَدَدُ آيَاتِها ثَمان وثمانُونَ آية
|
|
محتوى
سورة القصص:
|
|
المعروف أنّ هذه السورة نزلت
بمكّة، وبإمكاننا ملاحظة أنّ محتواها الكلي وخطوطها العامّة الأساسيّة على شاكلة
السور المكّية(يراجع في هذا الشأن «تاريخ القرآن» لأبي
عبدالله الزنجاني و«الفهرست» لابن النديم، وكتب التّفسير الأخرى..) غير
أن بعض المفسّرين استثنوا الآية 85، أو الآيات 51 ـ 55
من هذه السورة معتقدين أن الآية الأُولى «85»
نزلت بالجحفة ـ وهي منطقة بين مكّة والمدينة ـ وأمّا الآيات الاربع الأُخرى فيقولون: إنّها نزلت بالمدينة. ولا يوجد دليل واضح
على كلامهم.. |
|
فضيلة
تلاوة سورة القصص:
|
|
نقرأ في بعض الأحاديث الواردة
عن الرّسول الأعظم(ص) أنّه قال: «من قرأء طسم القصص أعطي من الأجر عشر حسنات
بعدد من صدّق بموسى وكذب به، ولم يبق ملك في السماوات والأرض إلاّ شهد له يوم
القيامة أنّه كان صادقاً» (تفسير مجمع البيان في بداية
سورة القصص.). |
|
الآيات(1) (6) طسم
(1) تِلْكَ ءَايَتُ الكِتَبِ الْمُبِينَ (2) نَتْلُوا عَلَيكَ مِن نَّبَإِ مُوسى
وَفِرْعَوْنَ
|
|
طسم (1) تِلْكَ
ءَايَتُ الكِتَبِ الْمُبِينَ (2) نَتْلُوا عَلَيكَ مِن نَّبَإِ مُوسى
وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْم يُؤمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى
الاْرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ
أَبْنآءَهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسآءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)
وَنُرِيدُ أَنْ نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِى الاْرْضِ
وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ
فِى الاْرْضِ وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وَهَمَنَ وَجُنُودَهُمَا مِنهُمْ مَّا كَآنُوا
يَحْذَرُونَ (6) |
|
التّفسير |
|
المشيئة
الالهية تقتضي انتصار:
|
|
هذه هي المرّة
الرابعة عشرة التي نواجه بها بدايات
السورة «بالحروف المقطعة» في القرآن، وقد تكررت فيها (طسم ) ثلاث
مرات، وهي هنا ـ أي «طسم» ـ ثالث المرات
وآخرها.. وفي هذه الخطة
الإجرامية من قبل الفراعنة ضد الحوامل قصص مذكورة، إذ قال بعضهم: إنّ فرعون كان قد أمر برقابة مشددة على النساء الحوامل
من بني إسرائيل، وأن لا يلي إيلادهن إلاّ قابلة من القبطيّات والفرعونيّات، فإذا
كان المولود ذكراً فإنّ جلاوزة القصر الفرعوني يأتون ليتسلموا «قربانهم»( التّفسير الكبير الفخر الرازي ذيل الآيات محل البحث.). والتعبير بـ «نمنّ» كما أشرنا إلى ذلك من قبل، معناه منح الهبات والنعم، وهو
يختلف تمام الإختلاف مع «المنّ» المراد به عدّ النعم لتحقير الطرف المقابل، وهو
مذموم قطعاً. |
|
بحوث
|
|
1 ـ حكومة
المستضعفين العالمية
|
|
قلنا: إنّ الآيات المتقدمة لا
تتحدث عن فترةخاصة أو معينة، ولا تختص ببني إسرائيل فحسب، بل توضح قانوناً كلياً
لجميع العصور والقرون ولجميع الأُمم والأقوام، إذ تقول: (ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم
الوارثين ). |
|
2 ـ من هم
المستضعفون ومن هم المستكبرون؟!
|
|
كلمة «المستضعف» مشتقّة من مادة «ضعف»، ولكنّها لما استعملت في باب
«الإستفعال» دلت على من يكبّل بالقيد والغلّ ويجرّ إلى
الضعف. |
|
3 ـ أسلوب
المستكبرين على مدى التأريخ
|
|
لم يكن فرعون وحده يذبح أبناء
بني إسرائيل ويستحيي نساءهم لاذلالهم، فعلى مدى التاريخ نجد أسلوب الجبابرة على
هذه الشاكلة، حيث يسعون لتعطيل القدرات والقوى
بأية وسيلة كانت، فحيث لم يستطيعوا قتل «الرجال» يلجأون
إلى قتل «الرجولة»، ويذوّبون روح الشهامة بنشر الفساد والمخدّرات
والفحشاء والمنكر والإنحراف الجنسي وكثرة الشراب والقمار، ليستطيعوا براحة بال
واطمئنان خاطر أن يواصلوا حكمهم و حكومتهم. |
|
الآيات(7) (9)
وَأَوْحَيْنآ إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيْهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ
فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ
|
|
وَأَوْحَيْنآ إِلى
أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيْهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ
وَلاَ تَخَافِى وَلاَ تَحْزَنِى إِنَّا رآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ
الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً
وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهمنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَطِئِينَ (8)
وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْن لِّى وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ
عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (9) |
|
التّفسير |
في
قصر فرعون!
|
|
من أجل رسم مثل حيّ لانتصار
المستضعفين على المستكبرين، يدخل القرآن المجيد في سرد
قصّة موسى وفرعون، ويتحدث بالخصوص عن مراحل يكون فيها موسى في أشدّ حالات
الضعف، أمّا فرعون فهو في أقوى الحالات وأكثرها هيمنة.. ليتجسّد انتصار مشيئة
الله على إرادة الجبابرة في أعلى الصور وأحسن الوجوه.. كل نهر ليس يطغى عبثاً إن أمر
الله كان السببا |
|
ملاحظة
|
|
|
تخطيط
الله العجيب..
|
|
إظهار القدرة.. ليس معناه أن
الله إذا أراد أن يهلك قوماً جبارين، يرسل عليهم جنود السماوات والأرض، فيهلكهم
ويدمرهم تدميراً. |
|
الآيات(10) (13)
وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسَى فرِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلاَ
أَنْ رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِها
|
|
وَأَصْبَحَ فُؤادُ
أُمِّ مُوسَى فرِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلاَ أَنْ رَّبَطْنَا عَلَى
قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ (10) وَقَالَتْ لاُِخْتِهِ قُصِّيْهِ
فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُب وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ
الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْت
يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَصِحُونَ (12) فَرَدَدْنَهُ إِلى أُمِّهِ
كَىْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ
وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (13) |
|
التّفسير |
|
عودة
موسى إلى حضن أُمّه:
|
|
في هذه الآيات
تتجسدُ مشاهد جديدة.. فأمُّ موسى
التي قلنا عنها: إنّها ألقت ولدها في أمواج النيل، بحسب ما فصّلنا آنفاً.. اقتحم
قلبها طوفان شديدٌ من الهمّ على فراق ولدها، فقد اصبح مكان ولدها الذي كان يملأ
قلبها خالياً وفارغاً منه. |
|
الآيات(14) (17)
وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ءَاتَيْنَهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ
نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ
|
|
وَلَمّا بَلَغَ
أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ءَاتَيْنَهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِى
الْمُحْسِنِينَ (14) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَة مِّنْ أَهْلِهَا
فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِن شِيعَتِهِ وَهَذا مِنْ
عَدُوِّهِ فَاسْتَغَثَهُ الَّذِى مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِى مِنْ عَدُوِّهِ
فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضى عَلَيْهِ قَالَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطنِ إِنَّهُ
عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ (15)قَالَ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِر
لَى فَغَفَرَ لَهُ إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَآ
أَنْعَمْتَ عَلَىَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ (17) |
|
التّفسير |
موسى
(عليه السلام) وحماية المظلومين:
|
|
في هذه الآيات
نواجه المرحلة الثّالثة من قصّة
موسى(عليه السلام) وما جرى له مع فرعون، وفيها مسائل تتعلق
ببلوغه، وبعض الأحداث التي شاهدها وهو في مصر
قبل أن يتوجه إلى «مدين» ثمّ سبب هجرته إلى
مدين. |
|
مسألتان
|
|
1 ـ ألم يكن عمل
موسى هذا مخالفاً للعصمة!
|
|
|
للمفسّرين أبحاث مُذيّلة وطويلة في شأن
المشاجرة التي حدثت بين القبطي والإسرائيلي وقتل موسى للقبطي. |
|
2 ـ دعم المجرمين
وإسنادهم من أعظم الآثام:
|
|
هناك باب مفصل في
الفقه الإسلامي فيه أحاديث وافرة تتحدث حول «الإعانة على الإثم» و«معاونة الظلمة» وتدل على أن
واحداً من أسوأ الآثام إعانة الظالمين والمجرمين، وتكون
سبباً لأن يشترك المعين في مصيرهم الأسود. |
|
الآيات(18) (22)
فَأَصْبَحَ فِى الْمَدِينةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذا الَّذِى اسْتَنْصَرَهُ
بِالاَْمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ
|
|
فَأَصْبَحَ فِى
الْمَدِينةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذا الَّذِى اسْتَنْصَرَهُ بِالاَْمْسِ
يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِىٌّ مُّبِينٌ (18) فَلَمَّآ أَن
أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَمُوسى أَتُرِيدُ
أَنْ تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفساً بِالاَْمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن
تَكُونَ جَبَّاراً فِى الاَْرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ
الْمُصْلِحِينَ (19) وَجَآءَ رُجُلٌ مِّنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعى قَالَ
يَمُوسى إِنَّ المَلأَ يَأتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّى لَكَ
مِنَ النَّصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ
نَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّلِمِينَ (21) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ
مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّى أَنْ يَهْدِيَنِى سَوَآءَ السَّبِيلِ (22) |
|
التّفسير |
|
موسى
يتوجّه إلى مدين خُفيةً:
|
|
نواجه في هذه الآيات المقطع
الرّابع من هذه القصّة ذات المحتوى الكبير. |
|
الآيات(23) (25)
وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النّاسِ
يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ
|
|
وَلَمَّا وَرَدَ
مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن
دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِى
حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا
ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنْزَلْتَ إِلَيَّ
مِنْ خَيْر فَقِيرٌ (24) فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى اسْتِحْيَآء
قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا
جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ
الظَّلِمِينَ (25) |
|
التّفسير |
|
عملٌ
صالح يفتح لموسى أبواب الخير:
|
|
نواجه هنا المقطع الخامس من
هذه القصّة، وهي قضيّة ورود موسى(عليه السلام) إلى مدينة مدين. |
|
مسألتان
|
|
1 ـ أين كانت
مدين؟!
|
|
«مدين»
: اسم مدينة كان يقطنها «شعيب » وقبيلته، هذه المدينة كانت
تقع في شرق خليج العقبة [وشمال الحجاز وجنوب الشامات] وأهلها من أبناء إسماعيل «الذبيح» ابن إبراهيم الخليل(عليها السلام)، وكانت
لهم تجارة مع مصر وفلسطين ولبنان. |
|
2 ـ دروس كثيرة
توحي بالعبر:
|
|
في هذا القسم من
قصّة موسى(عليه السلام) دروس كثيرة توحي بالعبر: |
|
الآيات(26) (28)
قَالَتْ إِحْدهُمَا يأَبَتِ اسْتئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَئْجَرْتَ
الْقَوِىُّ الاَْمِينُ
|
|
قَالَتْ إِحْدهُمَا
يأَبَتِ اسْتئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَئْجَرْتَ الْقَوِىُّ الاَْمِينُ
(26) قالَ إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَتَيْنِ عَلى
أَنْ تَأْجُرَنِى ثَمَنِىَ حِجَج فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ
وَمآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِنْ شَآءَ اللهُ مِنَ
الصَّلِحِينَ (27) قَالَ ذلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الاَْجَلَيْنِ
قَضَيْتُ فَلاَ عُدْونَ عَلَىَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) |
|
التّفسير |
|
موسى
في دار شعيب:
|
|
هذا هو المقطع السادس من قصّة
حياة موسى(ع) المثيرة، جاء موسى إلى منزل شعيب، منزل قرويّ بسيط، منزل نظيف
ومليء بالروحيّة العالية، وبعد أن قصّ عليه قصّته، بادرت إحدى بنتي شعيب بالقول
ـ وبعبارة موجزة ـ : إنّني أقترح أن تستأجره لحفظ الأغنام ورعايتها: و(قالت يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويُّ الأمين ). |
|
بحوث
|
|
1 ـ شرطان
أساسيان للإدارة الصحيحة
|
|
في العبارة القصيرة التي وردت
في الآيات المتقدمة على لسان بنت شعيب في شأن استئجار موسى، كان من أهم الشروط
وأكثرها أصالةً شرطان لخّصا في «القوّة» و«الأمانة». فالمتخصصون الخونة
والعلماء المنحرفون يضربون ضربتهم
كما يضربها المخلصون الذين لاحظ لهم من الإطلاع والمهارة في العمل. |
|
2 ـ اسئلة عن
زواج موسى من بنت شعيب!...
|
|
ذكرنا ـ آنفاً ـ أنّ الآيات
المتقدمة تحمل بين ثنايها أسئلة متعددة، وعلينا أن نجيب
عليها ولو باختصار: |
|
الآيات(29) (35)
فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الاَْجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ءَاَنَسَ مِن جَانِبِ
الطُّورِ نَاراً
|
|
فَلَمَّا قَضَى
مُوسَى الاَْجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ءَاَنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً
قَالَ لاِهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّى ءَانَسْتُ نَاراً لَّعَلِّى ءَاتِيكُمْ
مِّنْها بِخَبَر أَوْ جَذْوَة مِّنْ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ(29)
فَلَمَّآ أَتَها نُودِىَ مِن شَطِىءِ الْوَادِ الاَْيْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ
الْمُبَرَكَةِ مِنَ الْشَّجَرَةِ أَنْ يَمُوسى إِنِّى أَنَا اللهُ رَبُّ
الْعَلَمِينَ(30) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا
جَآنٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَمُوسى أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ
إِنَّكَ مِنَ الاْمِنِينَ(31) اسْلُكَ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضآءَ
مِنْ غَيْرِ سُوء واضْمُمْ إِلَيكَ جَنَاحَكَ مَنَ الرَّهْبِ فَذَنِكَ بُرْهَنَانِ
مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَونَ وَمَلاَِيْهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوماً
فَسِقِينَ(32) قَالَ رَبِّ إِنِّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ
يَقْتُلُونِ(33) وَأَخِى هَرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّى لِسَاناً فأَرْسِلْهُ
مَعِىَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِى إِنِّى أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ(34) قَالَ
سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَناً فَلاَ يَصِلُونَ
إِلَيْكُمَا بِايَتِنآ أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَلِبُونَ(35) |
|
التّفسير |
|
الشّرارة
الأُولى للوحي:
|
|
نصل الآن ـ إلى المقطع السابع ـ من هذه
القصّة.. فكان ما أوحى الله إلى موسى
أملا كبيراً وبشارةً عظمى اطمأن بها قلبه، وأصبح راسخ العزم والحزم، وسنجد آثار
ذلك في الصفحات المقبلة حين نقرأ الجوانب الأُخرى من قصّة موسى(عليه السلام) إن
شاء الله(كانت لنا بحوث عديدة في هذا المجال، فراجعها
إن شئت في «تفسير سورة الأعراف» و «تفسير سورة طه» و «تفسير سورة الشعراء». وفي
بعض السور الأُخرى.). |
|
الآيتان(36) (37)
فَلَمَّا جَآءَهُمْ مُّوسى بِايَتِنا بَيِّنَت قَالُوا مَا هَذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرَىً
|
|
فَلَمَّا جَآءَهُمْ
مُّوسى بِايَتِنا بَيِّنَت قَالُوا مَا هَذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرَىً وَمَا
سَمِعْنَا بِهَذا فِى ءَابآئِنَا الاَْوَّلِينَ(36) وَقَالَ مُوسى رَبِّى
أَعْلَمُ بِمَن جآءَ بَالْهُدى مِنْ عِندِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَقِبَةُ
الدّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّلِمُونَ(37) |
|
التّفسير |
|
موسى
في مواجهة فرعون:
|
|
نواجه المقطع الثامن من هذه
القصّة العظيمة.. لقد تلقى موسى(عليه السلام) من ربّه الأمر بأن يصدع بالنبوّة
والرسالة في تلك الليلة المظلمة والأرض المقدسة، فوصل إلى مصر، وأخبر أخاه هارون
بما حُمِّلَ.. وأبلغه الرسالة الملقاة عليهما.. فذهبا معاً إلى فرعون ليبلغاه
رسالة الله، وبعد عناء شديد استطاعا أن يصلا إلى فرعون وقد حف به من في القصر من
جماعته وخاصته، فأبلغاه الدعوة إلى الله ووحدانيّته.. ولكن لنرَ ما جرى هناك ـ
في قصر فرعون ـ مع موسى وأخيه. |
|
الآيات(38) (42)
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَأَيُّهَا الْمَلاَُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إَلَه
غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى يَهَمَنُ
|
|
وَقَالَ فِرْعَوْنُ
يَأَيُّهَا الْمَلاَُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إَلَه غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى
يَهَمَنُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّى صَرْحاً لَّعَلِّى أَطَّلِعُ إِلى إِلَهِ
مُوسَى وَإِنِّى لاََظُنُّهُ مِنَ الْكَذِبِينَ(38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ
وَجُنُودُهُ فِى الاَْرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا
لاَيُرْجَعُونَ (39)فَأَخَذْنَهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَهُمْ فِى الْيَمِّ
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَقِبَةُ الْظَّلِمِينَ(40) وَجَعَلْنَهُمْ أَئِمَّةً
يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ لاَ يُنْصَرُونَ(41)
وَأَتْبَعْنَهُمْ فِى هَذهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ هُمْ
مِّنْ الْمَقْبُوحِينَ(42) |
|
التّفسير |
|
كيف
كان عاقبة الظالمين؟
|
|
نواجه هنا المقطع التاسع من
هذا التاريخ المليء بالأحداث والعبر. وفي المرحلة
الثّالثة والأخيرة، ومن أجل أن يقيم
الدليل على عدم وجود إله غيره بنى ذلك الصرح!. لعنة الله معناها طردهم من رحمته، ولعنة
الملائكة والمؤمنين هي الدعاء عليهم صباحاً ومساءً.. وفي كل وقت. وأحياناً
تشملهم اللعنة العامة. وأحياناً يأتي اللعن خاصّة لبعضهم. حيث أنّ كل من يتصفح
تأريخهم يلعنهم، ويتنفّر من أعمالهم. |
|
ملاحظة!
|
|
أئمّة
«النّور» وأئمّة «النّار»
|
|
هناك طائفتان من
الأئمة في منطق القرآن الكريم، فأئمة
للمتقين يهدونهم إلى الخيرات، كما ورد في شأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: (وجعلناهم أئمّة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات
وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)(
سورة الأنبياء، الآية 73.). |
|
الآيات(43) (46)
وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ مِنْ بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ
الاُْولَى
|
|
وَلَقَدْ
ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ مِنْ بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الاُْولَى
بَصَآئِرَ لِلنَّاسَ وَهُدىً ورَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(43) وَمَا كُنْتَ
بِجَانِبِ الْغَرْبِىِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلى مُوسَى الاَْمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ
الشَّهِدِينَ(44) وَلَكِنَّآ أَنْشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ
الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِياً فِى أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ
ءَايَتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ(45) وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ
إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَومَاً مَّآ
أَتَهُم مِّن نَّذِير مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(46) |
|
التّفسير |
|
الأخبار
الغيبيّة هي من عند الله وحده..
|
|
نصل في هذا القسم من الآيات
إلى «المقطع العاشر» وهو القسم الأخير من الآيات التي تتعلق بقصّة موسى وما تحمله من معان كبيرة!. يبدأ هذا المقطع بالآية التالية (ولقد آتينا
موسى الكتاب من بعدما أهلكنا القرون الأُولى بصائر للناس وهدىً ورحمةً لعلّهم
يتذكرون). |
|
الآيات(47) (50)
وَلَوْلاَ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيْهِمْ
|
|
وَلَوْلاَ أَن
تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيْهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا
لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ ءَايَتُكَ وَنَكُونَ مِنَ
الْمُؤمِنِينَ (47)فَلَمَّا جَآءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلاَ
أُوتِىَ مِثْلَ مَآ أُوتِىَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بَمَآ أُوتِىَ مُوسَى
مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ
كَفِرُونَ(48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَب مِّنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَآ
أَتَّبِعْهُ إَنْ كُنتُمْ صَدِقِينَ(49) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ
أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَهُ
بِغَيْرِ هُدىً مِّنَ الله إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّلِمِينَ(50) |
|
التّفسير |
|
ذريعة
للفرار من الحق:
|
|
حيث أن الآيات ـ آنفة الذكر ـ
كانت تتحدث عن إرسال النّبي(صلى الله عليه وآله) لينذر قومه، ففي هذه الآيات
يبيّن القرآن ما ترتب من لطف الله على وجود النّبي في قومه
فيقول: إنّنا وقبل أن نرسل إليهم رسولا ا ذا أردنا انزال العذاب عليهم بسبب
ظلمهم وسيئاتهم قالوا: لماذا لم ترسل لنا رسول يبيّن لنا احكامك لنؤمن به (ولولا
أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع
آياتك ونكون من المؤمنين)( يصرّح كثير من المفسّرين أنّ
جواب «لولا» الأُولى محذوف وتقديره «لما أرسلنا رسولا» أو «لما وجب إرسال
الرسل».. وبديهيّ أنّ التعبير الثّاني أكثر دقّة ووضوحاً.. وعلى كل حال فهذا
الكلام مربوط بأحكام يدركه العقل مستقلا.. وإلاّ فإن إرسال الرسل ضروريّ بدلائل
أُخرى، على أنّ واحداً من فوائد إرسال الرسل ـ أيضاً ـ هو تأكيد الأحكام العقلية
كبطلان الشرك وقبح الظلم والفساد.. «فلاحظوا بدقّة».). ولكن من أضيعُ منهم (ومن أضلُّ ممن اتّبع هواه بغير هدىً من الله إنّ الله لا
يهدي القوم الظالمين). |
|
ملاحظة
|
|
اتباع الهوى مدعاة
للظلال:
|
|
في الآيات المتقدمة بيّنت
العلاقة بين الهوى والضلال بصراحة، وقد عبّر فيها عن المتبعين هواهم بأضلّ
النّاس، وأنّهم لم يحظو بهداية الله. |
|
الآيات(51) (55)
وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَولَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(51) الَّذِينَ
ءَاتَيْنَهُمُ الْكِتَبَ مِن قَبْلِهِ
|
|
وَلَقَدْ
وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَولَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(51) الَّذِينَ
ءَاتَيْنَهُمُ الْكِتَبَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ(52) وَإِذْا يُتْلَى
عَلَيْهِمْ قَالُوا ءَامَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا
مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ(53) أُولَئك يُؤتُونَ أَجْرَهُمْ مَّرَّتَيْنِ بِمَا
صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِّمَّا رَزَقْنَهُمْ
يُنْفِقُونَ(54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَآ
أعمَالُنَاا وَلَكُم أَعْمَلُكُمْ سَلَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى
الْجَهِلِينَ(55) |
|
سبب النّزول
|
|
نقل المفسّرون ورواة الأخبار
روايات كثيرة و مختلفة في شأن نزول الآيات المتقدمة، والجامع
المشترك فيها واحد، وهو إيمان طائفة من
علماء اليهود والنصارى والأفراد الذين يتمتعون بقلوب طاهرة ـ بالقرآن ونبي
الإسلام(صلى الله عليه وآله). |
|
التّفسير |
|
طلاب
الحق من أهل الكتاب آمنوا بالقرآن:
|
|
حيث أنّ الآيات السابقة كانت
تتحدث عن حجج المشركين الواهية أمام الحقائق التي يقدّمها القرآن الكريم، فإنّ
هذه الآيات محل البحث تتحدث عن القلوب المهيّأة لقبول قول الحق والتي سمعت هذه
الآيات اهتدت الإسلام وبقي أصحابها متمسكين بالإسلام أوفياء له في حين أنّ قلوب
الجاهليين المظلمة لم تتأثر بها.، |
|
ملاحظة!
|
|
القلوب
المهيّأة للإيمان:
|
|
رسمت الآيات المتقدمة للقلوب
التي تقبّلت بذور الإيمان رسماً جميلا وبليغاً. |
|
الآيتان(56) (57)
إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ
وَهُوَ أَعْلَمُ بَالْمُهْتَدِينَ
|
|
إِنَّكَ لاَ
تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ
بَالْمُهْتَدِينَ(56) وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ
أَرْضِنَآ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً ءَامِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرتُ
كُلِّ شَىْء رِّزْقاً مِّنْ لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُم لاَ
يَعْلَمُونَ(57) |
|
التّفسير |
|
الهداية
بيد الله وحده!..
|
|
بالرغم من أن بحوثاً كثيرة
وروايات وردت في الآية الأُولى من هاتين الآيتين
المتقدمتين وشأن نزولها، إلاّ أنّها ـ كما سنرى ـ روايات غير معتبرة ولا قيمة لها، حتى كأنّها رويت لأغراض ومقاصد خاصّة، ولذلك رأينا أن نفسّر الآية من القرآن نفسه ثمّ نعالج
الرّوايات المشكوكة أو المجعولة. |
|
ملاحظة
|
|
إيمان
أبي طالب والضجيج حوله:
|
|
هذا الموضوع يبدو عجيباً لمن
كان من أهل البحث والمطالعة.. فكيف يصرّ جماعة من رواة
الأخبار على أن يزعموا أنّ أبا طالب(عليه السلام) عم النّبي كان مشركاً وغير
مؤمن وأنّه مات كافراً!! وهو بإجماع المسلمين كان من الذين بذلوا تضحيات
منقطعة النظير، وحمى نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله) وضحّى من أجله؟! ونحن بقطع النظر عن
هذه الأمواج السياسية المنحرفة والملوثة، التي هي بنفسها تستحق المطالعة من جهات متعددة... نبحث المسألة على أساس
أنّها مسألة بنفسها تستحق المطالعة من جهات متعددة...
نبحث المسألة على أساس أنّها مسألة تأريخية وتفسيرية بحتة، بشكل موجز ومضغوط
(كما يقتضيه وضع الكتاب) ليتّضح أن ليس وراء هذا الضجيج
أي سند معتبر، بل هناك شواهد حيّة ضده!. |
|
الآيات(58) (60)
وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَة بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَكِنُهُمْ
لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ
|
|
وَكَمْ أَهْلَكْنَا
مِن قَرْيَة بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن
بَعْدِهِمْ إلاَّ قَلِيلا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَرِثِينَ(58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ
مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِى أُمِّهَا رَسُولا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ
ءَايَتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِى الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَلِمُونَ(59)
وَمَآ أُوتِيتُمْ مِّنْ شَىْء فَمَتَعُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا
وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلاَ تَعْقِلُونَ(60) |
|
التّفسير |
|
لا
تخدعنكم علائق الدنيا:
|
|
كان الحديث في الآيات
المتقدمة يدور حول مايدعيه أهل مكّة، وقولهم: إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا
بهجوم العرب علينا، وتتكدر حياتنا ويختل وضعنا المعاشي والإقتصادي.. وقد أجابت الآيات
السابقة على هذا الكلام بردٍّ بليغ. والتعبير بـ (حتى يبعث في أمّها رسولا) إشارة إلى عدم لزوم إرسال
الرسل إلى جميع المدن، بل يكفي أن يبعث في مركز كبير من مراكزها التي تنشر
العلوم والأخبار رسولا يبلغهم رسالاته! لأنّ أهل تلك المناطق في ذهاب وإياب
مستمر إلى المركز الرئيسي، لحاجتهم الماسة، وما أسرع أن ينتشرالخبر الذي يقع في
المركز إلى بقية الأنحاء القريبة والبعيدة، كما انتشرت أصداء بعثة النّبي(ص)التي
كانت في مكّة ـ وبلغت جميع أنحاء الجزيرة العربية في فترة قصيرة! لأنّ مكّة كانت
أم القرى، وكانت مركزاً روحانياً في الحجاز، كما كانت مركزاً تجارياً أيضاً.. فانتشرت أخبار النّبي(ص)، ووصلت جميع المراكز المهمّة في ذلك
الحين وفي فترة قصيرة جدّاً. |
|
الآيات(61) (64)
أَفَمَنْ وَعَدْنَهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَهُ مَتَعَ
الْحَيَوةِ الدُّنْيَا
|
|
أَفَمَنْ
وَعَدْنَهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَهُ مَتَعَ
الْحَيَوةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَمَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ(61)
وَيَومَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآءِىَ الَّذِينَ كُنْتُمْ
تَزْعُمُونَ(62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ
الَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَهُمْ كَمَا غَوَيْنا تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا
كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63)وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَآءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ
فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُاْ الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا
يَهْتَدُونَ(64) |
|
التّفسير |
|
أنّهم
عبدَة الهوى:
|
|
كان الحديث في الآيات
المتقدمة عن الذين فضّلوا الكفر على الإيمان بسبب منافعهم الشخصيّة ـ ورجّحوا
الشرك على التوحيد، وفي الآيات التي بين أيدينا يبيّن القرآن حال هذه الجماعة
يوم القيامة قبال المؤمنين الصادقين. بعد هذا، يأتي الكلام عن
عرصات يوم القيامة ومشاهدها ليجسّده أمام الكفار، مشاهد يقشعر منها البدن حين
يتصورها الإنسان، فيقول القرآن: (ويوم يناديهم فيقول
أين شركائي الذين كنتم تزعمون ). |
|
الآيات(65) (70)
وَيُوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65)
فَعَمِيَت عَلَيْهِمُ الا،َنبَآءُ
|
|
وَيُوْمَ
يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَت
عَلَيْهِمُ الا،َنبَآءُ يَوْمَئِذ فَهُم لاَ يَتَسَآءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَن
تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَلحاً فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67)
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
سُبْحَنَ اللهِ وَتَعَلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا
تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69)وَهُوَ اللهِ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ
لَهُ الْحَمْدُ فِى الاُْولَى وَالاْخِرَةِ وَلَهُ الْحكمُ وَإِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ (70) |
|
التّفسير |
|
تعقبُ الآيات محل البحث، على
ما كان في الآيات السابقة في شأن المشركين وما يسألون يوم القيامة. تُرى: أيقولون بأنّنا لبيّنا
دعوة المرسلين؟ فهذا كذب محض! والكاذب خاسر في ذلك اليوم، أم يقولون بأنّنا
كذّبناهم، واتهمناهم، وقلنا لهم بأنّكم سحرة ومجانين وحاربناهم وقتلناهم مع
اتباعهم؟... |
|
الآيات(71) (75) قُلْ
أَرَأَيْتُمْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ الَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ
الْقِيَمَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ
|
|
قُلْ أَرَأَيْتُمْ
جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ الَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَمَةِ مَنْ
إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيآء أَفَلاَ تَسْمَعُونَ (71) قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ
الْقِيَمَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْل تَسْكُنُونَ فِيهِ
أَفَلاَ تُبْصِرُونَ (72) وَمِن رَّحْمتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ
لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
(73) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآءِىَ الَّذِينَ كُنْتُمْ
تَزْعُمُونَ (74) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّة شَهِيداً فَقُلْنا هَاتُوا
بُرْهَنَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ للهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا
كَانُوايَفْتَرُونَ (75) |
|
التّفسير |
|
نعمتا
«الليل والنهار» العظيمتان:
|
|
هذه الآيات ـ محل البحث ـ تتحدث عن قسم كبير من مواهب الله
سبحانه، التي تدل على التوحيد ونفي الشرك من جهة، كما أنّها تكمّل البحث
السابق.. وتذكر مثلا للنعم
التي تستوجب الحمد والثناء.. الحمد المشار
إليه في الآيات المتقدمة، كما هي في الوقت ذاته شاهد على اختيار الله وتدبيره في
نظام الخلق من جهة أُخرى!. لذلك تأتي الآية التي بعدها
فتقول: (ونزعنا من كل أمة شهيداً(التعبير بـ «نزعنا»
التي تعني جذب الشيء من مقرّه، هي إشارة إلى إحضار الشهود من بين كل جماعة
وأُمة...) فقلنا هاتوا برهانكم ) أيّها المشركون الضالون. |
|
الآيات(76) (78) إِنْ
قَرُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءَاتَيْنَهُ مِنَ
الْكُنُوزِ
|
|
إِنْ قَرُونَ كَانَ
مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءَاتَيْنَهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَآ إِنَّ
مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِى الْقُوَّةِ اءِذْ قَالَ لَهُ
قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ
فِيمَآ ءَاتَاكَ اللهُ الدَّارَ الاَْخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ
الدُّنْيا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ إليْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِى
الاْرْضِ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَآ
أُوْتِيتُهُ عَلَى عِلْم عِندِى أَوَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ
مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونَ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ
جَمْعاً وَلاَ يُسْئَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمجُرِمُونَ (78) |
|
التّفسير |
|
الثّري
الاسرائيلي البخيل:
|
|
جاء تفصيل قصّة موسى(عليه
السلام) العجيبة ومواجهاته ومواقفه مع فرعون في قسم كبير من الآيات السابقة في
هذه السورة.. وذكرنا الأقوال فيها، وكان الكلام إلى حد ما كافياً عليها. والآن لنلاحظ ما
كان جواب هذا الإنسان الباغي والظالم
الإسرائيلي لجماعته الواعظين له!. |
|
الآيات(79) (82)
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَوةُ
الدُّنْيا يَلَيْتَ لَنَا مِثْلَ
|
|
فَخَرَجَ عَلَى
قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَوةُ الدُّنْيا
يَلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِىَ قَرُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيم (79)
وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِّمَنْ
ءَامَنَ وَعَمِلَ صَلِحاً وَلاَ يُلَقَّهَآ إِلاَّ الصَّبِرُونَ (80)
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الاَْرضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَة
يَنْصُروُنَهُ مِنْ دُونِ الله وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81)
وَأصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّواْ مَكَانَهُ بِالأمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ
الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ مِنْ عِبَادهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاَ أَن
مَّنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَفِرُونَ
(82) |
|
التّفسير |
|
جنون
الثّروة:
|
|
المعروف أَن أصحاب الثروة
يبتلون بأنواع الجنون... وواحد منها «جنون عرض الثروة وإظهارها» فهؤلاء يشعرون
باللذة عندما يعرضون ثروتهم على الآخرين، وحين يعبرون على مركب غال وثير ويمرّون
بين حفاة الأقدام فيتصاعد الغبار والاتربة لينتشر على وجوههم، ويحقّرونهم بذلك،
فحينئذ يشعرون بالراحة النفسية والنشوة تدغدغ
قلوبهم.. هنا أصبح الناس
طائفتين ـ بحسب العادة فطائفة وهم الأكثرية ـ من عبدة الدنيا ـ أثارهم هذا المشهد، فاهتزت قلوبهم
وتأوهوا بالحسرات وتمنوا لو كانوا مكان قارون ولو يوماً واحداً ولو ساعة واحدة
وحتى ولو لحظة! واحدة... (فما كان له من فئة
ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين )... |
|
بحوث
|
|
1 ـ نماذج
قارونية بالأمس واليوم!
|
|
قصّة قارون ـ هذا الثري المغرور ـ التي
ذكرها القرآن في سبع آيات بينات ـ بأسلوب جذّاب ـ تكشف الحجب عن حقاق كثيرة في حياة الناس! |
|
2 ـ منْ أين جاء
قارون بهذه الثروة العريضة؟
|
|
الطريف أنّنا نقرأ
في الآيتين (23) و (24) من سورة المؤمن ما نستفيد منه بوضوح أنّ رسالة موسى(ع) كانت من
البداية لمبارزة ثلاثة أشخاص! «فرعون»، ووزيره «هامان»، و«قارون» الثري
المغرور. (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى
فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذّاب ). |
|
3 ـ موقف الإسلام
من الثّروة!
|
|
لا ينبغي أن نستنبط من
المسائل التي ذكرناها آنفاً أنّ الإسلام يقف من الثروة موقفاً سلبياً، وأنّه
يخالف خط الثراء، ولا ينبغي أن نتصور أنّ الإسلام يريد حياة الفقر والفقراء،
ويعدّ حياة الفقر من الكلمات المعنوية!. |
|
الآيتان(83) (84)
تِلْكَ الدَّارُ الاَْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً
فِى الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً
|
|
تِلْكَ الدَّارُ
الاَْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الاَْرْضِ
وَلاَ فَسَاداً وَالْعَقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) مَنْ جَآءَ بِالْحَسَنَةِ
فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَنْ جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى الَّذِينَ
عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) |
|
التّفسير |
|
نتيجة
حبّ التسلط والفساد في الأرض:
|
|
بعد البيان المثير
لما حدث لثري مستكبر ومتسلط، وهو قارون،
تبدأ الآية الأُولى من هذا المقطع ببيان استنتاج كلي
لهذا الواقع وهذا الحدث، إذ تقول الآية (تلك
الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً ). |
|
ملاحظات
|
|
1 - لِمَ تكرر
ذكر «السيئة» في هذه الآية مرتين؟ |
|
الآيات(85) (88)
إِنَّ اًلَّذي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلى مَعاد
|
|
إِنَّ اًلَّذي
فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلى مَعاد قُل رَّبِّى أَعْلَمُ مَنْ
جَآءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِى ضَلَل مُّبِينَ (85) وَمَا كُنْتَ تَرْجُواْ
أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتَبُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّنْ رَّبِّكَ فَلاَ
تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَفِرِينَ (86) وَلاَ يَصُدُنَّكَ عَنْ ءَايَتِ اللهِ
بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ
الْمُشْرِكينَ (87) وَلاَ تَدْع مَعَ اللهِ إِلهاً ءَاخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
هُوَ كُلُّ شَىْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
(88) |
|
سبب النّزول |
|
نقل جماعة
من المفسّرين ـ سبباً لنزول الآية الأُولى من الآيات أعلاه عن ابن عباس مضمونه مايلي: |
|
التّفسير |
|
الوعد
بعودة النّبي إلى حرم الله الآمن:
|
|
هذه الآيات التي هي آخر
الآيات في سورة القصص تخاطب نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله) وتبشره بالنصر،
بعد أن جاءت الآيات الأُولى لتبيّن قصّة موسى و فرعون وما جرى له مع قومه، كما
أنّ هذه الآيات فيها ارشادات وتعليمات مؤكّدة لرسول الإسلام(صلى الله عليه
وآله). |
|
مسألتان
|
|
1 ـ كيف تفنى
جميع الأشياء؟!
|
|
من جملة الأسئلة
التي أُثيرت في ذيل الآية، هو أنّه إذا
كان لابدّ من فناء جميع الأشياء في نهاية العالم، فلا محيص من أن تتلاشى الأتربة
التي تكونت من أبدان الناس، في حين أن القرآن يصرّح مراراً بأن الله سيجمع هذه
الاتربة وينشر الناس منها، وأن الناس سينشرون في يوم القيامة من قبورهم!. |
|
2 ـ التّفسير
المنحرف لجملة (ولا تدع مع الله إلهاً آخر!)
|
|
يستدل جماعة من الوهّابيين أحياناً على أن مسألة «التوسل والشفاعة» لا تنسجم مع حقيقة التوحيد، بالآية الآنفة وآيات أُخرى مشابهة لها. اللّهم وثّق ارتباطنا بذاتك المقدسة يوماً بعد
يوم، ارواحنا تحظى بقبس من بقاء وخلود ذاتك الخالدة! انتهاء سورة
القصص |
|
|
|
|
سورة القصص مكيّة
وعَدَدُ آيَاتِها ثَمان وثمانُونَ آية
|
|
محتوى
سورة القصص:
|
|
المعروف أنّ هذه السورة نزلت
بمكّة، وبإمكاننا ملاحظة أنّ محتواها الكلي وخطوطها العامّة الأساسيّة على شاكلة
السور المكّية(يراجع في هذا الشأن «تاريخ القرآن» لأبي
عبدالله الزنجاني و«الفهرست» لابن النديم، وكتب التّفسير الأخرى..) غير
أن بعض المفسّرين استثنوا الآية 85، أو الآيات 51 ـ 55
من هذه السورة معتقدين أن الآية الأُولى «85»
نزلت بالجحفة ـ وهي منطقة بين مكّة والمدينة ـ وأمّا الآيات الاربع الأُخرى فيقولون: إنّها نزلت بالمدينة. ولا يوجد دليل واضح
على كلامهم.. |
|
فضيلة
تلاوة سورة القصص:
|
|
نقرأ في بعض الأحاديث الواردة
عن الرّسول الأعظم(ص) أنّه قال: «من قرأء طسم القصص أعطي من الأجر عشر حسنات
بعدد من صدّق بموسى وكذب به، ولم يبق ملك في السماوات والأرض إلاّ شهد له يوم
القيامة أنّه كان صادقاً» (تفسير مجمع البيان في بداية
سورة القصص.). |
|
الآيات(1) (6) طسم
(1) تِلْكَ ءَايَتُ الكِتَبِ الْمُبِينَ (2) نَتْلُوا عَلَيكَ مِن نَّبَإِ مُوسى
وَفِرْعَوْنَ
|
|
طسم (1) تِلْكَ
ءَايَتُ الكِتَبِ الْمُبِينَ (2) نَتْلُوا عَلَيكَ مِن نَّبَإِ مُوسى
وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْم يُؤمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى
الاْرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ
أَبْنآءَهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسآءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)
وَنُرِيدُ أَنْ نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِى الاْرْضِ
وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ
فِى الاْرْضِ وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وَهَمَنَ وَجُنُودَهُمَا مِنهُمْ مَّا كَآنُوا
يَحْذَرُونَ (6) |
|
التّفسير |
|
المشيئة
الالهية تقتضي انتصار:
|
|
هذه هي المرّة
الرابعة عشرة التي نواجه بها بدايات
السورة «بالحروف المقطعة» في القرآن، وقد تكررت فيها (طسم ) ثلاث
مرات، وهي هنا ـ أي «طسم» ـ ثالث المرات
وآخرها.. وفي هذه الخطة
الإجرامية من قبل الفراعنة ضد الحوامل قصص مذكورة، إذ قال بعضهم: إنّ فرعون كان قد أمر برقابة مشددة على النساء الحوامل
من بني إسرائيل، وأن لا يلي إيلادهن إلاّ قابلة من القبطيّات والفرعونيّات، فإذا
كان المولود ذكراً فإنّ جلاوزة القصر الفرعوني يأتون ليتسلموا «قربانهم»( التّفسير الكبير الفخر الرازي ذيل الآيات محل البحث.). والتعبير بـ «نمنّ» كما أشرنا إلى ذلك من قبل، معناه منح الهبات والنعم، وهو
يختلف تمام الإختلاف مع «المنّ» المراد به عدّ النعم لتحقير الطرف المقابل، وهو
مذموم قطعاً. |
|
بحوث
|
|
1 ـ حكومة
المستضعفين العالمية
|
|
قلنا: إنّ الآيات المتقدمة لا
تتحدث عن فترةخاصة أو معينة، ولا تختص ببني إسرائيل فحسب، بل توضح قانوناً كلياً
لجميع العصور والقرون ولجميع الأُمم والأقوام، إذ تقول: (ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم
الوارثين ). |
|
2 ـ من هم
المستضعفون ومن هم المستكبرون؟!
|
|
كلمة «المستضعف» مشتقّة من مادة «ضعف»، ولكنّها لما استعملت في باب
«الإستفعال» دلت على من يكبّل بالقيد والغلّ ويجرّ إلى
الضعف. |
|
3 ـ أسلوب
المستكبرين على مدى التأريخ
|
|
لم يكن فرعون وحده يذبح أبناء
بني إسرائيل ويستحيي نساءهم لاذلالهم، فعلى مدى التاريخ نجد أسلوب الجبابرة على
هذه الشاكلة، حيث يسعون لتعطيل القدرات والقوى
بأية وسيلة كانت، فحيث لم يستطيعوا قتل «الرجال» يلجأون
إلى قتل «الرجولة»، ويذوّبون روح الشهامة بنشر الفساد والمخدّرات
والفحشاء والمنكر والإنحراف الجنسي وكثرة الشراب والقمار، ليستطيعوا براحة بال
واطمئنان خاطر أن يواصلوا حكمهم و حكومتهم. |
|
الآيات(7) (9)
وَأَوْحَيْنآ إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيْهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ
فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ
|
|
وَأَوْحَيْنآ إِلى
أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيْهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ
وَلاَ تَخَافِى وَلاَ تَحْزَنِى إِنَّا رآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ
الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً
وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهمنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَطِئِينَ (8)
وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْن لِّى وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ
عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (9) |
|
التّفسير |
في
قصر فرعون!
|
|
من أجل رسم مثل حيّ لانتصار
المستضعفين على المستكبرين، يدخل القرآن المجيد في سرد
قصّة موسى وفرعون، ويتحدث بالخصوص عن مراحل يكون فيها موسى في أشدّ حالات
الضعف، أمّا فرعون فهو في أقوى الحالات وأكثرها هيمنة.. ليتجسّد انتصار مشيئة
الله على إرادة الجبابرة في أعلى الصور وأحسن الوجوه.. كل نهر ليس يطغى عبثاً إن أمر
الله كان السببا |
|
ملاحظة
|
|
|
تخطيط
الله العجيب..
|
|
إظهار القدرة.. ليس معناه أن
الله إذا أراد أن يهلك قوماً جبارين، يرسل عليهم جنود السماوات والأرض، فيهلكهم
ويدمرهم تدميراً. |
|
الآيات(10) (13)
وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسَى فرِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلاَ
أَنْ رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِها
|
|
وَأَصْبَحَ فُؤادُ
أُمِّ مُوسَى فرِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلاَ أَنْ رَّبَطْنَا عَلَى
قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ (10) وَقَالَتْ لاُِخْتِهِ قُصِّيْهِ
فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُب وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ
الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْت
يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَصِحُونَ (12) فَرَدَدْنَهُ إِلى أُمِّهِ
كَىْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ
وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (13) |
|
التّفسير |
|
عودة
موسى إلى حضن أُمّه:
|
|
في هذه الآيات
تتجسدُ مشاهد جديدة.. فأمُّ موسى
التي قلنا عنها: إنّها ألقت ولدها في أمواج النيل، بحسب ما فصّلنا آنفاً.. اقتحم
قلبها طوفان شديدٌ من الهمّ على فراق ولدها، فقد اصبح مكان ولدها الذي كان يملأ
قلبها خالياً وفارغاً منه. |
|
الآيات(14) (17)
وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ءَاتَيْنَهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ
نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ
|
|
وَلَمّا بَلَغَ
أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ءَاتَيْنَهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِى
الْمُحْسِنِينَ (14) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَة مِّنْ أَهْلِهَا
فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِن شِيعَتِهِ وَهَذا مِنْ
عَدُوِّهِ فَاسْتَغَثَهُ الَّذِى مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِى مِنْ عَدُوِّهِ
فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضى عَلَيْهِ قَالَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطنِ إِنَّهُ
عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ (15)قَالَ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِر
لَى فَغَفَرَ لَهُ إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَآ
أَنْعَمْتَ عَلَىَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ (17) |
|
التّفسير |
موسى
(عليه السلام) وحماية المظلومين:
|
|
في هذه الآيات
نواجه المرحلة الثّالثة من قصّة
موسى(عليه السلام) وما جرى له مع فرعون، وفيها مسائل تتعلق
ببلوغه، وبعض الأحداث التي شاهدها وهو في مصر
قبل أن يتوجه إلى «مدين» ثمّ سبب هجرته إلى
مدين. |
|
مسألتان
|
|
1 ـ ألم يكن عمل
موسى هذا مخالفاً للعصمة!
|
|
|
للمفسّرين أبحاث مُذيّلة وطويلة في شأن
المشاجرة التي حدثت بين القبطي والإسرائيلي وقتل موسى للقبطي. |
|
2 ـ دعم المجرمين
وإسنادهم من أعظم الآثام:
|
|
هناك باب مفصل في
الفقه الإسلامي فيه أحاديث وافرة تتحدث حول «الإعانة على الإثم» و«معاونة الظلمة» وتدل على أن
واحداً من أسوأ الآثام إعانة الظالمين والمجرمين، وتكون
سبباً لأن يشترك المعين في مصيرهم الأسود. |
|
الآيات(18) (22)
فَأَصْبَحَ فِى الْمَدِينةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذا الَّذِى اسْتَنْصَرَهُ
بِالاَْمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ
|
|
فَأَصْبَحَ فِى
الْمَدِينةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذا الَّذِى اسْتَنْصَرَهُ بِالاَْمْسِ
يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِىٌّ مُّبِينٌ (18) فَلَمَّآ أَن
أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَمُوسى أَتُرِيدُ
أَنْ تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفساً بِالاَْمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن
تَكُونَ جَبَّاراً فِى الاَْرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ
الْمُصْلِحِينَ (19) وَجَآءَ رُجُلٌ مِّنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعى قَالَ
يَمُوسى إِنَّ المَلأَ يَأتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّى لَكَ
مِنَ النَّصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ
نَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّلِمِينَ (21) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ
مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّى أَنْ يَهْدِيَنِى سَوَآءَ السَّبِيلِ (22) |
|
التّفسير |
|
موسى
يتوجّه إلى مدين خُفيةً:
|
|
نواجه في هذه الآيات المقطع
الرّابع من هذه القصّة ذات المحتوى الكبير. |
|
الآيات(23) (25)
وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النّاسِ
يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ
|
|
وَلَمَّا وَرَدَ
مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن
دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِى
حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا
ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنْزَلْتَ إِلَيَّ
مِنْ خَيْر فَقِيرٌ (24) فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى اسْتِحْيَآء
قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا
جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ
الظَّلِمِينَ (25) |
|
التّفسير |
|
عملٌ
صالح يفتح لموسى أبواب الخير:
|
|
نواجه هنا المقطع الخامس من
هذه القصّة، وهي قضيّة ورود موسى(عليه السلام) إلى مدينة مدين. |
|
مسألتان
|
|
1 ـ أين كانت
مدين؟!
|
|
«مدين»
: اسم مدينة كان يقطنها «شعيب » وقبيلته، هذه المدينة كانت
تقع في شرق خليج العقبة [وشمال الحجاز وجنوب الشامات] وأهلها من أبناء إسماعيل «الذبيح» ابن إبراهيم الخليل(عليها السلام)، وكانت
لهم تجارة مع مصر وفلسطين ولبنان. |
|
2 ـ دروس كثيرة
توحي بالعبر:
|
|
في هذا القسم من
قصّة موسى(عليه السلام) دروس كثيرة توحي بالعبر: |
|
الآيات(26) (28)
قَالَتْ إِحْدهُمَا يأَبَتِ اسْتئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَئْجَرْتَ
الْقَوِىُّ الاَْمِينُ
|
|
قَالَتْ إِحْدهُمَا
يأَبَتِ اسْتئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَئْجَرْتَ الْقَوِىُّ الاَْمِينُ
(26) قالَ إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَتَيْنِ عَلى
أَنْ تَأْجُرَنِى ثَمَنِىَ حِجَج فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ
وَمآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِنْ شَآءَ اللهُ مِنَ
الصَّلِحِينَ (27) قَالَ ذلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الاَْجَلَيْنِ
قَضَيْتُ فَلاَ عُدْونَ عَلَىَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) |
|
التّفسير |
|
موسى
في دار شعيب:
|
|
هذا هو المقطع السادس من قصّة
حياة موسى(ع) المثيرة، جاء موسى إلى منزل شعيب، منزل قرويّ بسيط، منزل نظيف
ومليء بالروحيّة العالية، وبعد أن قصّ عليه قصّته، بادرت إحدى بنتي شعيب بالقول
ـ وبعبارة موجزة ـ : إنّني أقترح أن تستأجره لحفظ الأغنام ورعايتها: و(قالت يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويُّ الأمين ). |
|
بحوث
|
|
1 ـ شرطان
أساسيان للإدارة الصحيحة
|
|
في العبارة القصيرة التي وردت
في الآيات المتقدمة على لسان بنت شعيب في شأن استئجار موسى، كان من أهم الشروط
وأكثرها أصالةً شرطان لخّصا في «القوّة» و«الأمانة». فالمتخصصون الخونة
والعلماء المنحرفون يضربون ضربتهم
كما يضربها المخلصون الذين لاحظ لهم من الإطلاع والمهارة في العمل. |
|
2 ـ اسئلة عن
زواج موسى من بنت شعيب!...
|
|
ذكرنا ـ آنفاً ـ أنّ الآيات
المتقدمة تحمل بين ثنايها أسئلة متعددة، وعلينا أن نجيب
عليها ولو باختصار: |
|
الآيات(29) (35)
فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الاَْجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ءَاَنَسَ مِن جَانِبِ
الطُّورِ نَاراً
|
|
فَلَمَّا قَضَى
مُوسَى الاَْجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ءَاَنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً
قَالَ لاِهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّى ءَانَسْتُ نَاراً لَّعَلِّى ءَاتِيكُمْ
مِّنْها بِخَبَر أَوْ جَذْوَة مِّنْ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ(29)
فَلَمَّآ أَتَها نُودِىَ مِن شَطِىءِ الْوَادِ الاَْيْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ
الْمُبَرَكَةِ مِنَ الْشَّجَرَةِ أَنْ يَمُوسى إِنِّى أَنَا اللهُ رَبُّ
الْعَلَمِينَ(30) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا
جَآنٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَمُوسى أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ
إِنَّكَ مِنَ الاْمِنِينَ(31) اسْلُكَ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضآءَ
مِنْ غَيْرِ سُوء واضْمُمْ إِلَيكَ جَنَاحَكَ مَنَ الرَّهْبِ فَذَنِكَ بُرْهَنَانِ
مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَونَ وَمَلاَِيْهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوماً
فَسِقِينَ(32) قَالَ رَبِّ إِنِّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ
يَقْتُلُونِ(33) وَأَخِى هَرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّى لِسَاناً فأَرْسِلْهُ
مَعِىَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِى إِنِّى أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ(34) قَالَ
سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَناً فَلاَ يَصِلُونَ
إِلَيْكُمَا بِايَتِنآ أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَلِبُونَ(35) |
|
التّفسير |
|
الشّرارة
الأُولى للوحي:
|
|
نصل الآن ـ إلى المقطع السابع ـ من هذه
القصّة.. فكان ما أوحى الله إلى موسى
أملا كبيراً وبشارةً عظمى اطمأن بها قلبه، وأصبح راسخ العزم والحزم، وسنجد آثار
ذلك في الصفحات المقبلة حين نقرأ الجوانب الأُخرى من قصّة موسى(عليه السلام) إن
شاء الله(كانت لنا بحوث عديدة في هذا المجال، فراجعها
إن شئت في «تفسير سورة الأعراف» و «تفسير سورة طه» و «تفسير سورة الشعراء». وفي
بعض السور الأُخرى.). |
|
الآيتان(36) (37)
فَلَمَّا جَآءَهُمْ مُّوسى بِايَتِنا بَيِّنَت قَالُوا مَا هَذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرَىً
|
|
فَلَمَّا جَآءَهُمْ
مُّوسى بِايَتِنا بَيِّنَت قَالُوا مَا هَذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرَىً وَمَا
سَمِعْنَا بِهَذا فِى ءَابآئِنَا الاَْوَّلِينَ(36) وَقَالَ مُوسى رَبِّى
أَعْلَمُ بِمَن جآءَ بَالْهُدى مِنْ عِندِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَقِبَةُ
الدّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّلِمُونَ(37) |
|
التّفسير |
|
موسى
في مواجهة فرعون:
|
|
نواجه المقطع الثامن من هذه
القصّة العظيمة.. لقد تلقى موسى(عليه السلام) من ربّه الأمر بأن يصدع بالنبوّة
والرسالة في تلك الليلة المظلمة والأرض المقدسة، فوصل إلى مصر، وأخبر أخاه هارون
بما حُمِّلَ.. وأبلغه الرسالة الملقاة عليهما.. فذهبا معاً إلى فرعون ليبلغاه
رسالة الله، وبعد عناء شديد استطاعا أن يصلا إلى فرعون وقد حف به من في القصر من
جماعته وخاصته، فأبلغاه الدعوة إلى الله ووحدانيّته.. ولكن لنرَ ما جرى هناك ـ
في قصر فرعون ـ مع موسى وأخيه. |
|
الآيات(38) (42)
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَأَيُّهَا الْمَلاَُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إَلَه
غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى يَهَمَنُ
|
|
وَقَالَ فِرْعَوْنُ
يَأَيُّهَا الْمَلاَُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إَلَه غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى
يَهَمَنُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّى صَرْحاً لَّعَلِّى أَطَّلِعُ إِلى إِلَهِ
مُوسَى وَإِنِّى لاََظُنُّهُ مِنَ الْكَذِبِينَ(38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ
وَجُنُودُهُ فِى الاَْرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا
لاَيُرْجَعُونَ (39)فَأَخَذْنَهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَهُمْ فِى الْيَمِّ
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَقِبَةُ الْظَّلِمِينَ(40) وَجَعَلْنَهُمْ أَئِمَّةً
يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ لاَ يُنْصَرُونَ(41)
وَأَتْبَعْنَهُمْ فِى هَذهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ هُمْ
مِّنْ الْمَقْبُوحِينَ(42) |
|
التّفسير |
|
كيف
كان عاقبة الظالمين؟
|
|
نواجه هنا المقطع التاسع من
هذا التاريخ المليء بالأحداث والعبر. وفي المرحلة
الثّالثة والأخيرة، ومن أجل أن يقيم
الدليل على عدم وجود إله غيره بنى ذلك الصرح!. لعنة الله معناها طردهم من رحمته، ولعنة
الملائكة والمؤمنين هي الدعاء عليهم صباحاً ومساءً.. وفي كل وقت. وأحياناً
تشملهم اللعنة العامة. وأحياناً يأتي اللعن خاصّة لبعضهم. حيث أنّ كل من يتصفح
تأريخهم يلعنهم، ويتنفّر من أعمالهم. |
|
ملاحظة!
|
|
أئمّة
«النّور» وأئمّة «النّار»
|
|
هناك طائفتان من
الأئمة في منطق القرآن الكريم، فأئمة
للمتقين يهدونهم إلى الخيرات، كما ورد في شأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: (وجعلناهم أئمّة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات
وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)(
سورة الأنبياء، الآية 73.). |
|
الآيات(43) (46)
وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ مِنْ بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ
الاُْولَى
|
|
وَلَقَدْ
ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ مِنْ بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الاُْولَى
بَصَآئِرَ لِلنَّاسَ وَهُدىً ورَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(43) وَمَا كُنْتَ
بِجَانِبِ الْغَرْبِىِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلى مُوسَى الاَْمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ
الشَّهِدِينَ(44) وَلَكِنَّآ أَنْشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ
الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِياً فِى أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ
ءَايَتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ(45) وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ
إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَومَاً مَّآ
أَتَهُم مِّن نَّذِير مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(46) |
|
التّفسير |
|
الأخبار
الغيبيّة هي من عند الله وحده..
|
|
نصل في هذا القسم من الآيات
إلى «المقطع العاشر» وهو القسم الأخير من الآيات التي تتعلق بقصّة موسى وما تحمله من معان كبيرة!. يبدأ هذا المقطع بالآية التالية (ولقد آتينا
موسى الكتاب من بعدما أهلكنا القرون الأُولى بصائر للناس وهدىً ورحمةً لعلّهم
يتذكرون). |
|
الآيات(47) (50)
وَلَوْلاَ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيْهِمْ
|
|
وَلَوْلاَ أَن
تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيْهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا
لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ ءَايَتُكَ وَنَكُونَ مِنَ
الْمُؤمِنِينَ (47)فَلَمَّا جَآءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلاَ
أُوتِىَ مِثْلَ مَآ أُوتِىَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بَمَآ أُوتِىَ مُوسَى
مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ
كَفِرُونَ(48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَب مِّنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَآ
أَتَّبِعْهُ إَنْ كُنتُمْ صَدِقِينَ(49) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ
أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَهُ
بِغَيْرِ هُدىً مِّنَ الله إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّلِمِينَ(50) |
|
التّفسير |
|
ذريعة
للفرار من الحق:
|
|
حيث أن الآيات ـ آنفة الذكر ـ
كانت تتحدث عن إرسال النّبي(صلى الله عليه وآله) لينذر قومه، ففي هذه الآيات
يبيّن القرآن ما ترتب من لطف الله على وجود النّبي في قومه
فيقول: إنّنا وقبل أن نرسل إليهم رسولا ا ذا أردنا انزال العذاب عليهم بسبب
ظلمهم وسيئاتهم قالوا: لماذا لم ترسل لنا رسول يبيّن لنا احكامك لنؤمن به (ولولا
أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع
آياتك ونكون من المؤمنين)( يصرّح كثير من المفسّرين أنّ
جواب «لولا» الأُولى محذوف وتقديره «لما أرسلنا رسولا» أو «لما وجب إرسال
الرسل».. وبديهيّ أنّ التعبير الثّاني أكثر دقّة ووضوحاً.. وعلى كل حال فهذا
الكلام مربوط بأحكام يدركه العقل مستقلا.. وإلاّ فإن إرسال الرسل ضروريّ بدلائل
أُخرى، على أنّ واحداً من فوائد إرسال الرسل ـ أيضاً ـ هو تأكيد الأحكام العقلية
كبطلان الشرك وقبح الظلم والفساد.. «فلاحظوا بدقّة».). ولكن من أضيعُ منهم (ومن أضلُّ ممن اتّبع هواه بغير هدىً من الله إنّ الله لا
يهدي القوم الظالمين). |
|
ملاحظة
|
|
اتباع الهوى مدعاة
للظلال:
|
|
في الآيات المتقدمة بيّنت
العلاقة بين الهوى والضلال بصراحة، وقد عبّر فيها عن المتبعين هواهم بأضلّ
النّاس، وأنّهم لم يحظو بهداية الله. |
|
الآيات(51) (55)
وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَولَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(51) الَّذِينَ
ءَاتَيْنَهُمُ الْكِتَبَ مِن قَبْلِهِ
|
|
وَلَقَدْ
وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَولَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(51) الَّذِينَ
ءَاتَيْنَهُمُ الْكِتَبَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ(52) وَإِذْا يُتْلَى
عَلَيْهِمْ قَالُوا ءَامَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا
مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ(53) أُولَئك يُؤتُونَ أَجْرَهُمْ مَّرَّتَيْنِ بِمَا
صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِّمَّا رَزَقْنَهُمْ
يُنْفِقُونَ(54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَآ
أعمَالُنَاا وَلَكُم أَعْمَلُكُمْ سَلَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى
الْجَهِلِينَ(55) |
|
سبب النّزول
|
|
نقل المفسّرون ورواة الأخبار
روايات كثيرة و مختلفة في شأن نزول الآيات المتقدمة، والجامع
المشترك فيها واحد، وهو إيمان طائفة من
علماء اليهود والنصارى والأفراد الذين يتمتعون بقلوب طاهرة ـ بالقرآن ونبي
الإسلام(صلى الله عليه وآله). |
|
التّفسير |
|
طلاب
الحق من أهل الكتاب آمنوا بالقرآن:
|
|
حيث أنّ الآيات السابقة كانت
تتحدث عن حجج المشركين الواهية أمام الحقائق التي يقدّمها القرآن الكريم، فإنّ
هذه الآيات محل البحث تتحدث عن القلوب المهيّأة لقبول قول الحق والتي سمعت هذه
الآيات اهتدت الإسلام وبقي أصحابها متمسكين بالإسلام أوفياء له في حين أنّ قلوب
الجاهليين المظلمة لم تتأثر بها.، |
|
ملاحظة!
|
|
القلوب
المهيّأة للإيمان:
|
|
رسمت الآيات المتقدمة للقلوب
التي تقبّلت بذور الإيمان رسماً جميلا وبليغاً. |
|
الآيتان(56) (57)
إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ
وَهُوَ أَعْلَمُ بَالْمُهْتَدِينَ
|
|
إِنَّكَ لاَ
تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ
بَالْمُهْتَدِينَ(56) وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ
أَرْضِنَآ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً ءَامِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرتُ
كُلِّ شَىْء رِّزْقاً مِّنْ لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُم لاَ
يَعْلَمُونَ(57) |
|
التّفسير |
|
الهداية
بيد الله وحده!..
|
|
بالرغم من أن بحوثاً كثيرة
وروايات وردت في الآية الأُولى من هاتين الآيتين
المتقدمتين وشأن نزولها، إلاّ أنّها ـ كما سنرى ـ روايات غير معتبرة ولا قيمة لها، حتى كأنّها رويت لأغراض ومقاصد خاصّة، ولذلك رأينا أن نفسّر الآية من القرآن نفسه ثمّ نعالج
الرّوايات المشكوكة أو المجعولة. |
|
ملاحظة
|
|
إيمان
أبي طالب والضجيج حوله:
|
|
هذا الموضوع يبدو عجيباً لمن
كان من أهل البحث والمطالعة.. فكيف يصرّ جماعة من رواة
الأخبار على أن يزعموا أنّ أبا طالب(عليه السلام) عم النّبي كان مشركاً وغير
مؤمن وأنّه مات كافراً!! وهو بإجماع المسلمين كان من الذين بذلوا تضحيات
منقطعة النظير، وحمى نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله) وضحّى من أجله؟! ونحن بقطع النظر عن
هذه الأمواج السياسية المنحرفة والملوثة، التي هي بنفسها تستحق المطالعة من جهات متعددة... نبحث المسألة على أساس
أنّها مسألة بنفسها تستحق المطالعة من جهات متعددة...
نبحث المسألة على أساس أنّها مسألة تأريخية وتفسيرية بحتة، بشكل موجز ومضغوط
(كما يقتضيه وضع الكتاب) ليتّضح أن ليس وراء هذا الضجيج
أي سند معتبر، بل هناك شواهد حيّة ضده!. |
|
الآيات(58) (60)
وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَة بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَكِنُهُمْ
لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ
|
|
وَكَمْ أَهْلَكْنَا
مِن قَرْيَة بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن
بَعْدِهِمْ إلاَّ قَلِيلا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَرِثِينَ(58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ
مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِى أُمِّهَا رَسُولا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ
ءَايَتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِى الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَلِمُونَ(59)
وَمَآ أُوتِيتُمْ مِّنْ شَىْء فَمَتَعُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا
وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلاَ تَعْقِلُونَ(60) |
|
التّفسير |
|
لا
تخدعنكم علائق الدنيا:
|
|
كان الحديث في الآيات
المتقدمة يدور حول مايدعيه أهل مكّة، وقولهم: إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا
بهجوم العرب علينا، وتتكدر حياتنا ويختل وضعنا المعاشي والإقتصادي.. وقد أجابت الآيات
السابقة على هذا الكلام بردٍّ بليغ. والتعبير بـ (حتى يبعث في أمّها رسولا) إشارة إلى عدم لزوم إرسال
الرسل إلى جميع المدن، بل يكفي أن يبعث في مركز كبير من مراكزها التي تنشر
العلوم والأخبار رسولا يبلغهم رسالاته! لأنّ أهل تلك المناطق في ذهاب وإياب
مستمر إلى المركز الرئيسي، لحاجتهم الماسة، وما أسرع أن ينتشرالخبر الذي يقع في
المركز إلى بقية الأنحاء القريبة والبعيدة، كما انتشرت أصداء بعثة النّبي(ص)التي
كانت في مكّة ـ وبلغت جميع أنحاء الجزيرة العربية في فترة قصيرة! لأنّ مكّة كانت
أم القرى، وكانت مركزاً روحانياً في الحجاز، كما كانت مركزاً تجارياً أيضاً.. فانتشرت أخبار النّبي(ص)، ووصلت جميع المراكز المهمّة في ذلك
الحين وفي فترة قصيرة جدّاً. |
|
الآيات(61) (64)
أَفَمَنْ وَعَدْنَهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَهُ مَتَعَ
الْحَيَوةِ الدُّنْيَا
|
|
أَفَمَنْ
وَعَدْنَهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَهُ مَتَعَ
الْحَيَوةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَمَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ(61)
وَيَومَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآءِىَ الَّذِينَ كُنْتُمْ
تَزْعُمُونَ(62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ
الَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَهُمْ كَمَا غَوَيْنا تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا
كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63)وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَآءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ
فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُاْ الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا
يَهْتَدُونَ(64) |
|
التّفسير |
|
أنّهم
عبدَة الهوى:
|
|
كان الحديث في الآيات
المتقدمة عن الذين فضّلوا الكفر على الإيمان بسبب منافعهم الشخصيّة ـ ورجّحوا
الشرك على التوحيد، وفي الآيات التي بين أيدينا يبيّن القرآن حال هذه الجماعة
يوم القيامة قبال المؤمنين الصادقين. بعد هذا، يأتي الكلام عن
عرصات يوم القيامة ومشاهدها ليجسّده أمام الكفار، مشاهد يقشعر منها البدن حين
يتصورها الإنسان، فيقول القرآن: (ويوم يناديهم فيقول
أين شركائي الذين كنتم تزعمون ). |
|
الآيات(65) (70)
وَيُوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65)
فَعَمِيَت عَلَيْهِمُ الا،َنبَآءُ
|
|
وَيُوْمَ
يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَت
عَلَيْهِمُ الا،َنبَآءُ يَوْمَئِذ فَهُم لاَ يَتَسَآءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَن
تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَلحاً فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67)
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
سُبْحَنَ اللهِ وَتَعَلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا
تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69)وَهُوَ اللهِ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ
لَهُ الْحَمْدُ فِى الاُْولَى وَالاْخِرَةِ وَلَهُ الْحكمُ وَإِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ (70) |
|
التّفسير |
|
تعقبُ الآيات محل البحث، على
ما كان في الآيات السابقة في شأن المشركين وما يسألون يوم القيامة. تُرى: أيقولون بأنّنا لبيّنا
دعوة المرسلين؟ فهذا كذب محض! والكاذب خاسر في ذلك اليوم، أم يقولون بأنّنا
كذّبناهم، واتهمناهم، وقلنا لهم بأنّكم سحرة ومجانين وحاربناهم وقتلناهم مع
اتباعهم؟... |
|
الآيات(71) (75) قُلْ
أَرَأَيْتُمْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ الَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ
الْقِيَمَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ
|
|
قُلْ أَرَأَيْتُمْ
جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ الَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَمَةِ مَنْ
إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيآء أَفَلاَ تَسْمَعُونَ (71) قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ
الْقِيَمَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْل تَسْكُنُونَ فِيهِ
أَفَلاَ تُبْصِرُونَ (72) وَمِن رَّحْمتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ
لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
(73) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآءِىَ الَّذِينَ كُنْتُمْ
تَزْعُمُونَ (74) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّة شَهِيداً فَقُلْنا هَاتُوا
بُرْهَنَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ للهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا
كَانُوايَفْتَرُونَ (75) |
|
التّفسير |
|
نعمتا
«الليل والنهار» العظيمتان:
|
|
هذه الآيات ـ محل البحث ـ تتحدث عن قسم كبير من مواهب الله
سبحانه، التي تدل على التوحيد ونفي الشرك من جهة، كما أنّها تكمّل البحث
السابق.. وتذكر مثلا للنعم
التي تستوجب الحمد والثناء.. الحمد المشار
إليه في الآيات المتقدمة، كما هي في الوقت ذاته شاهد على اختيار الله وتدبيره في
نظام الخلق من جهة أُخرى!. لذلك تأتي الآية التي بعدها
فتقول: (ونزعنا من كل أمة شهيداً(التعبير بـ «نزعنا»
التي تعني جذب الشيء من مقرّه، هي إشارة إلى إحضار الشهود من بين كل جماعة
وأُمة...) فقلنا هاتوا برهانكم ) أيّها المشركون الضالون. |
|
الآيات(76) (78) إِنْ
قَرُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءَاتَيْنَهُ مِنَ
الْكُنُوزِ
|
|
إِنْ قَرُونَ كَانَ
مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءَاتَيْنَهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَآ إِنَّ
مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِى الْقُوَّةِ اءِذْ قَالَ لَهُ
قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ
فِيمَآ ءَاتَاكَ اللهُ الدَّارَ الاَْخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ
الدُّنْيا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ إليْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِى
الاْرْضِ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَآ
أُوْتِيتُهُ عَلَى عِلْم عِندِى أَوَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ
مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونَ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ
جَمْعاً وَلاَ يُسْئَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمجُرِمُونَ (78) |
|
التّفسير |
|
الثّري
الاسرائيلي البخيل:
|
|
جاء تفصيل قصّة موسى(عليه
السلام) العجيبة ومواجهاته ومواقفه مع فرعون في قسم كبير من الآيات السابقة في
هذه السورة.. وذكرنا الأقوال فيها، وكان الكلام إلى حد ما كافياً عليها. والآن لنلاحظ ما
كان جواب هذا الإنسان الباغي والظالم
الإسرائيلي لجماعته الواعظين له!. |
|
الآيات(79) (82)
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَوةُ
الدُّنْيا يَلَيْتَ لَنَا مِثْلَ
|
|
فَخَرَجَ عَلَى
قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَوةُ الدُّنْيا
يَلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِىَ قَرُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيم (79)
وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِّمَنْ
ءَامَنَ وَعَمِلَ صَلِحاً وَلاَ يُلَقَّهَآ إِلاَّ الصَّبِرُونَ (80)
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الاَْرضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَة
يَنْصُروُنَهُ مِنْ دُونِ الله وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81)
وَأصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّواْ مَكَانَهُ بِالأمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ
الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ مِنْ عِبَادهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاَ أَن
مَّنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَفِرُونَ
(82) |
|
التّفسير |
|
جنون
الثّروة:
|
|
المعروف أَن أصحاب الثروة
يبتلون بأنواع الجنون... وواحد منها «جنون عرض الثروة وإظهارها» فهؤلاء يشعرون
باللذة عندما يعرضون ثروتهم على الآخرين، وحين يعبرون على مركب غال وثير ويمرّون
بين حفاة الأقدام فيتصاعد الغبار والاتربة لينتشر على وجوههم، ويحقّرونهم بذلك،
فحينئذ يشعرون بالراحة النفسية والنشوة تدغدغ
قلوبهم.. هنا أصبح الناس
طائفتين ـ بحسب العادة فطائفة وهم الأكثرية ـ من عبدة الدنيا ـ أثارهم هذا المشهد، فاهتزت قلوبهم
وتأوهوا بالحسرات وتمنوا لو كانوا مكان قارون ولو يوماً واحداً ولو ساعة واحدة
وحتى ولو لحظة! واحدة... (فما كان له من فئة
ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين )... |
|
بحوث
|
|
1 ـ نماذج
قارونية بالأمس واليوم!
|
|
قصّة قارون ـ هذا الثري المغرور ـ التي
ذكرها القرآن في سبع آيات بينات ـ بأسلوب جذّاب ـ تكشف الحجب عن حقاق كثيرة في حياة الناس! |
|
2 ـ منْ أين جاء
قارون بهذه الثروة العريضة؟
|
|
الطريف أنّنا نقرأ
في الآيتين (23) و (24) من سورة المؤمن ما نستفيد منه بوضوح أنّ رسالة موسى(ع) كانت من
البداية لمبارزة ثلاثة أشخاص! «فرعون»، ووزيره «هامان»، و«قارون» الثري
المغرور. (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى
فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذّاب ). |
|
3 ـ موقف الإسلام
من الثّروة!
|
|
لا ينبغي أن نستنبط من
المسائل التي ذكرناها آنفاً أنّ الإسلام يقف من الثروة موقفاً سلبياً، وأنّه
يخالف خط الثراء، ولا ينبغي أن نتصور أنّ الإسلام يريد حياة الفقر والفقراء،
ويعدّ حياة الفقر من الكلمات المعنوية!. |
|
الآيتان(83) (84)
تِلْكَ الدَّارُ الاَْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً
فِى الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً
|
|
تِلْكَ الدَّارُ
الاَْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الاَْرْضِ
وَلاَ فَسَاداً وَالْعَقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) مَنْ جَآءَ بِالْحَسَنَةِ
فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَنْ جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى الَّذِينَ
عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84) |
|
التّفسير |
|
نتيجة
حبّ التسلط والفساد في الأرض:
|
|
بعد البيان المثير
لما حدث لثري مستكبر ومتسلط، وهو قارون،
تبدأ الآية الأُولى من هذا المقطع ببيان استنتاج كلي
لهذا الواقع وهذا الحدث، إذ تقول الآية (تلك
الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً ). |
|
ملاحظات
|
|
1 - لِمَ تكرر
ذكر «السيئة» في هذه الآية مرتين؟ |
|
الآيات(85) (88)
إِنَّ اًلَّذي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلى مَعاد
|
|
إِنَّ اًلَّذي
فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لَرَآدُّكَ إِلى مَعاد قُل رَّبِّى أَعْلَمُ مَنْ
جَآءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِى ضَلَل مُّبِينَ (85) وَمَا كُنْتَ تَرْجُواْ
أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتَبُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّنْ رَّبِّكَ فَلاَ
تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَفِرِينَ (86) وَلاَ يَصُدُنَّكَ عَنْ ءَايَتِ اللهِ
بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ
الْمُشْرِكينَ (87) وَلاَ تَدْع مَعَ اللهِ إِلهاً ءَاخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
هُوَ كُلُّ شَىْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
(88) |
|
سبب النّزول |
|
نقل جماعة
من المفسّرين ـ سبباً لنزول الآية الأُولى من الآيات أعلاه عن ابن عباس مضمونه مايلي: |
|
التّفسير |
|
الوعد
بعودة النّبي إلى حرم الله الآمن:
|
|
هذه الآيات التي هي آخر
الآيات في سورة القصص تخاطب نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله) وتبشره بالنصر،
بعد أن جاءت الآيات الأُولى لتبيّن قصّة موسى و فرعون وما جرى له مع قومه، كما
أنّ هذه الآيات فيها ارشادات وتعليمات مؤكّدة لرسول الإسلام(صلى الله عليه
وآله). |
|
مسألتان
|
|
1 ـ كيف تفنى
جميع الأشياء؟!
|
|
من جملة الأسئلة
التي أُثيرت في ذيل الآية، هو أنّه إذا
كان لابدّ من فناء جميع الأشياء في نهاية العالم، فلا محيص من أن تتلاشى الأتربة
التي تكونت من أبدان الناس، في حين أن القرآن يصرّح مراراً بأن الله سيجمع هذه
الاتربة وينشر الناس منها، وأن الناس سينشرون في يوم القيامة من قبورهم!. |
|
2 ـ التّفسير
المنحرف لجملة (ولا تدع مع الله إلهاً آخر!)
|
|
يستدل جماعة من الوهّابيين أحياناً على أن مسألة «التوسل والشفاعة» لا تنسجم مع حقيقة التوحيد، بالآية الآنفة وآيات أُخرى مشابهة لها. اللّهم وثّق ارتباطنا بذاتك المقدسة يوماً بعد
يوم، ارواحنا تحظى بقبس من بقاء وخلود ذاتك الخالدة! انتهاء سورة
القصص |
|
|
|